صحبى عايز يخس 637717538
لا اعلم يومها ما الذى جاء به الى منزلى الصغير يدعونى بلهفة ويرجونى بعطف و يمدحنى بشرف كأننى فارسه المخلّص و امين سره الحافظ لمشاعره الدفينه التى اقسم امامى انه لم يطلع احد عليها قط. .نعم هكذا بدى سلامة عندما فتحت له باب الشقة ودخل وجلس معى قرابة ساعتين ونصف من الزمن يهمهم ويهذى بعبط قبل ان يخرج عن صمته و يقول لى بصوت مختنق :انا عايز اخس يا جمعاوى .



صدمنى سلامة بدخلته التى دغدغت مشاعري و ارهبت قلبي لدرجة جعلتنى اشك فى ان كارثة ما وقعت له. الامر الذى دفعني لاستقباله فى الصالون و اقدم له كوب ليمون ساقع و مشبّر .حتي يهدأ ويعود الى طبيعته و هدوءه المعهود .فسلامة صديق مقرب لى منذ الطفولة يسكن فى نفس شارعنا و كنا نلعب سويا كرة القدم فى الشارع قبل ما تفرقع الكورة على يد عم حسين الحداد الذى اضاع املنا فى التأهل لدور ال86 فى دورى المناطق المعزولة سنة 1990. حيث ادخل سيخ محمي فى ودن الكورة فاعترفت له الكورة بكل ما بداخلها و ماتت . لم يفرح احد بوفاة الكورة مثل سلامة لانه كان اكثرنا كرها للعبة حيث كان اقل واحد منا مهارة وقدرة على التمرير و الاستلام وكان اثقلنا وزنا و ابطأنا جريا و اطولنا نوما و اكثرنا اكلاً .الامر الذى اجبره ان يظل طوال يقف حارس مرمى وامضي حياته يتحدث الى العارضة .ولم يترك العارضة الا بعد ان اقنعناه بصعوبة استمرار علاقته بالعارضة لان القايم متكلم عليها .وبرغم ان الكلام لا يقتع طفل فى كي جي تو الا ان سلامة اقتنع بسهولة و دون جدال وهذا يرجع الى تكوين شخصية سلامة الداخلي حيث يتميز سلامة بطيبة وبراءة شديدة تقترب من السذاجة فى اغلب الاوقات.

لم اصدق كون سلامة يفكر فى ان يخس فطالما حاولنا لفت انتباهه لوزنه الزائد فى ايام الدراسة لكنه كان يفضل اكل الحلوى على الاستماع لنصيحتنا .هل بعد هذا العمر ياتى الوقت الذى يقرر فيه سلامة ان يخس وما الدافع و كيف تغير تفكيره بهذة السرعة كل هذة اسئله دارت بخاطري فى ثوان قبل ان اسأله لاعرف السبب .



انا : ايه اللى حصل عشان تخس.
سلامة : انا بقالى فترة طويلة بفكر فى الموضوع .انا بعانى ياجمعاوى من مدة بس ما برضاش اتكلم عشان ما ضايقكوش .
انا : ايه اللى حصلك يا سلامة ما طول عمرنا بنقولك تخس وانت مكبر دماغك و عمر ما كنت حاطط موضوع الشكل ده فى دماغك و كل الناس بتحبك عشان روحك الحلوة و خفة دمك .
سلامة و قد يبدأ الدمع ينزل على خده :انا مش عارف اعيش وسط الناس انا حاسس ان شكلى وحش اوى و حتى مش عارف الاقى لبس على مقاسي ولا حتى الهدوم بيبقى شكلها حلو .انا بعانى و حاسس ان حياتى بقت كئيبة.ومافيش حل غير انى اخس .



انا وقد بدأت ابكي معه:طب مانا طول عمري بقولك كده .
سلامة : زمان كنا عيال صغيرة مش فى دماغنا حاجة غير اننا نلعب ونتبسط ونتفسح وناكل .ومش فى دماغنا حاجة انما ديلوقتى الوضع مختلف انا كبيرت وبدأت احس بالمشكلة .
انا :طيب انت حاطط لنفسك خطة عشان تخس .يعنى فى رجيم معين معاك ولا لسة بتدور ؟
سلامة :امال انا جاى لك ليه يا جمعاوى انا معرفش حاجة خالص فى الموضوع وعايزك تساعدنى .
انا : الموضع بسيط ان شاء الله وماتقلقش الحل موجود و اعلانات التخسيس ديلوقتى بقيت اشهر حاجة فى التليفيزيون .سيبن يومين كده وانا هسألك وارد عليك واجيبلك الحل السحري ان شاء الله.

خرج سلامة يجفف دموعة بعد ان اصابنى داخليا بهزة عنيفة . وتركنى اتسائل عن القوة المخيفة التى استطاعت ان تغير تفكير سلامة تجاة اهمية الشكل ؟ و ان تجعله يعيد النظر فى راى الناس و يفكر فيه بصورة اوصلته الى درجة الاكتئاب ؟ وكيف اصبح يمثل راى الناس فى شكله هذة الاهمية التى تجعله يبكي و يتألم .وهل هو محق فى ان يكتسب الرضى عن نفسه من خلال شعور يعكسه رضاء الناس فى داخله .ام ان الرضا عن الذات ياتى من الداخل وليس الخارج ؟



كل هذة الاسئلة وجهتها لنفسي قبل ان ابدأ دراسة مشكله سلامة النفسية .

وانا لا اضمن ان يحقق نظام الرجيم القاسي الذى اختاره سلامة نجاحا مبهرا بحيث يشعر سلامة بتحسن فى الوقت القريب .فكل من جرب الريجيم يدرك انه يحتاج وقتا طويلا ليبدأ مفعوله بالظهور .و قد يختلف حسب طبيعة جسم الشخص موضوع الرجيم . هذا جعلنى احاول اقناع سلامة بان يتراجع عن قراره وان يبقى راضٍ تماما عن نفسه دون ان يأبه بالمنظر الخارجي وان يكتفى بما تحويه روحه من محاسن الاخلاق وحب و كرم .لان الدخول فى دوامة الرجيم قد يكون مجرد بداية لشفط الدهون من اماكن مزعجة .وانا لا ارضي لصديقي ان يفقد سلامة الانسان فقط ليحصل على موديل عرض يعجب الناس . وكم من اناس اصابهم اكتئاب لسنوات بسبب الحرج و عدم الثقة بالنفس !!!