بســــــم الله الرحــمــن الــــرحــيـــــــم
*****************************************
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وعبده، أما بعد:
فنحن سنتحدث عن باذن الله تعالى فى بحثنا عن التفسير وطبيعته فى عهد الصحابه رضى الله عنهم ونكننا لابد من التمهيد لهذا الموضوع بهذا السؤال ؟
لماذا لم يفسر القرآن الكريم كله في عهد النبي صلي الله عليه وسلم؟ !
الاجابة عنه من تراث الشيخ محمد متولي الشعراوي فيما يلي:
نزل القرآن هداية للبشرية جمعاء ونورا للارض وتنزل علي المصطفي صلي الله عليه وسلم في 23 سنة. وهناك فريقان.. الأول يقول إن التفسير في عهد النبي صلي الله عليه و سلم والصحابة هو تفسير نهائي غير قابل لأي إضافة.. بل إن الإضافة فيه هي نوع من تحميل القرآن الكريم أكثر مما يحتمل وتعريض كتاب الله الي نظريات علمية أرضية قد يثبت عدم صحتها بعد عشرات السنين. والفريق الثاني يقول: إن القرآن له عطاءان عطاء الفروض والاحكام وهو واضح لا لبس فيه والتفسير الذي حدث في عهد النبي صلي الله عليه وسلم ملزم حتي تنتهي الارض ومن عليها.. أما معجزات القرآن هذه فيزداد لها العالم فهما فكلما تقدم العلم كشف الله للناس عن آياته في الارض ومن هنا عطاء القرآن متجدد لا ينتهي ابدا إلا بقيام الساعة. ومن هنا المعجزة مستمرة ونواحي الاعجاز في القرآن في كل عصر وزمان ومكان موجودة والايام القادمة قد تكشف تفسيرا لبعض الآيات نكون نحن عاجزين عن فهمها الفهم الصحيح، فالنبي صلي الله عليه وسلم لم يفسر القرآن كله في حياته وإلا تعطلت إعجازاته الفكرية والعلمية المتنوعة ولكنه فسر آيات الاحكام والتشريع والتكليف، لأن التكليف لابد من بلوغه موضحا مبينا
لذلك يجب تبين اهميه التفسير عامه

أهـــمـــيـــة عـــلـــم الـــتـــفـــســـيـــر:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد تعبد اللهُ الخلقَ بالقرآن، ويتضمن القرآن عقائد وأحكاما وأخلاقا لا يمكن معرفة أكثرها إلا عن طرق علم التفسير وذلك لأمور:
.:. أن القرآن في أعلى درجات البلاغة، يجمع المعاني الكثيرة بالألفاظ القليلة، وهذا يحتاج إلى بسط ما أوجز والكشف عما أجمل.
.:. أن القرآن يشتمل على مقاصد غير المعاني الظاهرة فيحتاج ذلك إلى ما يبينها.
.:. أن بعض الآيات قد نزلت لأسباب لا يمكن معرفة معنى الآية إلا إذا عرف سبب نزولها، قال ابن دقيق العيد رحمه الله: " بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معنى القرآن " .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " معرفة سبب النزول يعين في فهم الآية فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب " .
.:. قال ابن عباس رضي الله عنهما: " الذي يقرأ القرآن ولا يفسر كالأعرابي الذي يهذي بالشعر " .
وقال مجاهد بن جبر رحمه الله: " أحب الخلق إلى الله أعلمهم بما أنزل " .
نـــشـــأة عـــلـــم الـــتـــفـــســـيـــر:
كـــان الـــقـــوم فـــي زمـــن الـــنـــبـــي صـــلـــى الـــلـــه عـــلـــيـــه وســـلـــم:
عرباً خُلصاً يفهمون القرآن بمقتضى
السليقة، غير أن القرآن يعلو على سائر كلام العرب بألفاظه وأساليبه اللغوية والبلاغية فضلا عن معانيه، ولذا فقد كانوا يتفاوتون في فهمه
وإدراكه فكان بعضهم يفسر للآخر ما غمض عليه فإن أشكل عليهم لفظ أو معنى
سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم فيبينه لهم.
وقال بعض أهل العلم ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية: " يجب أن يُعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم بين لأصحابه معاني القرآن كما بين ألفاظه لقوله تعالى: " لتبين للناس ما نزل إليهم "(النحل 44) (مقدمة في أصول التفسير ص 21 وقد رجح شيخنا محمد العثيمين رحمه الله
في شرحه للمقدمة هذا القول واستدل بقول الله تعالى: " ثم إنا علينا بيانه " شرح المقدمة ص 21، وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم ليس هذا مجال بسطها والله أعلم) .
الـــتـــفـــســـيـــر فـــي عـــهـــد الـــصـــحـــابـــة:
لا يختلف عنه في زمن النبي صلى
الله عليه وسلم نظرا لقربهم من عهد النبوة ووجود شيوخ الصحابة وعلمائهم لذا مال تفسيرهم بقلة الأخذ من الإسرائيليات حيث كانوا لا يتكلفون في التفسير، ولا يتعمقون فيه تعمقا مذموما بل يكتفون بالمعنى العام ولا يلتزمون بالتفصيل فيما لا فائدة كبيرة من تفصيله، ومع ذلك فقد كانوا أعلم الناس بتفسير القرآن وفهم معانيه، ويكفي في ذلك أنهم شاهدوا التنزيل وعاصروه.
- اعتنى الصحابة رضي الله عنهم بالقرآن الكريم وأولوه جلّ عنايتهم واهتمامهم. ونظراً لقوة فهمهم، وسعة إدراكهم ومعرفتهم بأوضاع اللغة وأسرارها، وأحوال الناس وعاداتهم، جعلهم يستوعبون ما في القرآن من معاني وأحكام، ولذلك ما احتاجوا إلى طلب تفسيرها والسؤال عنها. ‏
- إلا أن الصحابة أنفسهم متفاوتون في فهم القرآن، تبعاً لتفاوتهم في المواهب والاطلاع على لغتهم وأدبها ولهجاتها، ومعرفة أسباب النزول وغير ذلك. ‏
- وأكثر الصحابة اشتغالاً بالتفسير وممارسة له أربعة وهم: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب رضي الله عنهم. ‏
- كما اعتنى التابعون بالتفسير ونقلوا روايات الصحابة وزادوا فيها ما استنبطوه بأنفسهم، ومازال التفسير يتضخم في عهدهم حتى اجتمع منه الشيء الكثير. ‏
- وأشهر التابعين الذين اعتنوا بالتفسير: مجاهد، وعكرمة، وقتادة، والحسن البصري، وزيد بن أسلم، وطاووس وغيرهم
الـــتـــفـــســـيـــر فـــي عـــهـــد الـــتـــابـــعـــيـــن:
تلقى التابعون التفسير عن الصحابة، ومع ذلك كانوا يتحرجون من التفسير كما تحرج الصحابة رضي الله عنهم، فسعيد بن المسيب رحمه الله كان إذا سُئل عن تفسير آية سكت كأن لم يسمع، لذا اقتصر تفسيرهم على التفسير المأثور.
الـــتـــفـــســـيـــر فـــي عـــهـــد الـــتــــدويـــن:
مر بمراحل متعددة وإن كان غالب العلماء كانوا يضعونه في أبواب الحديث، وبدأ التغيير وظهر الخلط، حينما اتجه بعض المفسرين إلى اختصار بعض الأسانيد ونقل الآثار المروية عن السلف دون أن ينسبوها إلى قائليها فخلطوا الصحيح بالسقيم، ومن هذا الهفوة نفذ أعداء الملة من الزنادقة والمنحرفين ليضعوا ما لا يصح، ولكنّ الله هيأ علماء كشفوا الحق وأظهروه وعرفوا الباطل ونفوه، وكان من آثار هذه المرحلة
ظهور التفسير بالرأي محموده ومذمومه، وظهرت الجرأة بالقول على الله في القرآن بغير علم وظهر تعدد الأقوال الكثيرة في تفسير الآية الواحدة وظهرت الإسرائيليات بكثرة، ولكن وجد والحمد لله من أئمة الإسلام جمهرة من المحققين في علم التفسير، يمحصون ويحققون في هذه الروايات والأقوال.
أنـــواع الـــتـــفـــســـيـــر:
تـــفـــســـيـــر الـــقـــرآن الـــعـــظـــيـــم نـــوعـــان:
الـــتـــفـــســـيـــر بـــالـــمـــأثـــور:
وهو يشتمل على ما جاء في تفسير
القرآن الكريم نفسه من البيان والتفصيل لبعض آياته، وما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أصحابه من كل ما هو بَيَانُ إيضاحٍ لمراد الله تعالى في كتابه الكريم.
الـــتـــفـــســـيـــر بـــالـــرأي:
وينقسم إلى قسمين:
أ - محمود.
ب - مذموم.
علما بأن للقرأن أنواعا من
التفاسير منها: التفسير الفقهي، واللغوي، والعلمي، والإشاري إلى غير ذلك من التفاسير التي ذم العلماء بعضها، لما فيها من تكلف، وليٍّ لأعناق الآيات، وحملها على ما لا يحتمل، وإنزال الآيات في مواضع لا تليق بها ولا تستقيم لمن فسرها.
طـــرائـــق تـــفـــســـيـــر الـــقـــرآن الـــكـــريـــم:
تـــفـــســـيـــر الـــقـــرآن بـــالـــقـــرآن:
ويعد هذا النوع أفضل طرائق التفسير وأسلمها، فإن الآيات المجملة تأتي في مواضع أخرى مفصلة، كقصص الأنبياء
وغيرهم، وقد تفسر الآية في السورة نفسها كقوله تعالى: " والسماء والطارق وما أدراك ما الطارق النجم الثاقب "(الطارق 1-3) ، حيث أوضح الله أن المراد بالطارق: النجم الثاقب، إلى غير ذلك.
تـــفـــســـيـــر الـــقـــرآن بـــســـنـــة رســـول الـــلـــه صـــلـــى الـــلـــه عـــلـــيـــه وســـلـــم:
فعلى المسلم أن يرجع لمعرفة تفسير الآية إلى كتاب الله فإن لم يجد فليبحث عنها في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أمثلة ذلك تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم الرباط بانتظار الصلاة بعد الصلاة (مسلم 251) ، وتفسير يوم الحج الأكبر بيوم النحر (البخاري 4406 ، ومسلم 1679) ، وتفسيره القوة بالرمي (مسلم 1917) ... الخ.
فإن لم يجد في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن يعدم أن يجد تفسيرها بأقوال الصحابة رضي الله عنهم خصوصا وأن فيهم من دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم بالتأويل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مقدمته: "
إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعت في ذلك إلى أقوال
الصحابة، فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرائن والأحوال التي اختصوا بها
ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح لا سيما علمائهم وكبرائهم "(مقدمة التفسير مع شرحها للشيخ ابن عثيمين رحمه الله 129-130) .
وقال الزركشي رحمه الله: "
إن تفسيرهم بمنزلة المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإن فسروه من حيث اللغة فهم أهل اللسان فلا شك في اعتمادهم، وإن فسروه بما شاهدوه من الأسباب والقرائن فلا شك فيه " .
أبـــرز عـــلــــمـــاء الـــتـــفــــســـيـــر:
مـــن الـــصـــحـــابـــة:
علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وعبد الله بن عباس، وأبي بن كعب رضي الله عنهم.
ومـــن الـــتـــابـــعـــيـــن:
مجاهد بن جبر، وسعيد بن جبير، وعطاء، وقتادة، وأبوالعالية، وعامر الشعبي.
ويأتي بعدهم شعبة بن الحجاج، وعبد بن حميد رحمهم الله.
أهـــم الـــمــــؤلـــفـــات فـــي الـــتـــفـــســـيـــر الـــمـــأثــــور:
جامع البيان في تفسير القرآن، لمحمد بن جرير الطبري توفي سنة 310 هـ .
معالم التنزيل لأبي محمد بن حسين البغوي توفي سنة 516 هـ .
تفسير القرآن العظيم لابن كثير توفي سنة 774 هـ .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين