اسم المرجع(المصدر)
الخلفاء الراشدون.

تأليف:
عبد الوهاب النجار


(أتمنى من الله أن يحوز هذا البحث المبسط عن الخليفة عليt على رضاكم ولو أردنا الحديث عن تفاصيل حياته ما استطعنا ذلك في بضعة أسابيع لاحتجنا من الوقت لنلم بحياته رضي الله عنه)



خلافة علي بن أبي طالب(رضي الله عنه):

هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف وهو ابن عم النبي e أمه فاطمة بنت أسد.
ولد قبل الهجرة بإحدى وعشرين سنة أو أكثر. ولما أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم كان علي مراهقا وكان مقيما مع الرسول في بيته تخفيفا على أبيه أبي طالب . فكان أول من أجاب إلى الإسلام وقد أدرك الشرف العظيم ببذله نفسه فداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم ببياته على فراشه ليلة خروجه من مكة مهاجرا إلى المدينة حتى لا يرتاب الراصدون في وجوده في بيته وذلك ليلة هموا بقتله وأتعدوا لذلك ليلتهم ثم هاجر إلى المدينة بعد أن أدى الودائع التي كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلمإلى أهلها.

البيعة لعلي(رضي الله عنه) بالخلافة:

عند استشهاد الخليفة عثمان بن عفان (رضي الله عنه) وكما اعتادوا عليه أن يشغل منصب الخلافة كبار أصحاب النبيe فأخذوا يعرضون الخلافة على كبار الصحابة فعرضوها أولا على علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) فرفض بحجة أنه لا يريد بيعة من تورطوا في قتل الخليفة عثمان (رضي الله عنه) وفي ظل هذا الموقف المحير وبعد دفن عثمان اجتمعوا المهاجرين والأنصار وأهل المدينة واتجهوا إلى بيت علي(رضي الله عنه) فقالوا له : إن هذا الرجل قد قتل , ولا بد للناس من خليفة ولا نعلم أحد أحق بها منك فقال علي (رضي الله عنه) لاتريدوني فإني لكم وزير خير من أمير فقالوا: لا والله مانعلم أحد أحق بها منك .
فقالفإن أبيتم علي فإن بيعتي لا تكون سرا , ولكن أخرج إلى المسجد فمن شاء أن يبايعني بايعني...فخرج إلى المسجد فبايعه الناس)

خطـــته السيــــاسية:

أول خطبه لعلي – صعد على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :-إن الله عز وجل أنزل كتابا هاديا بين فيه الخير والشر فخذوا بالخير ودعوا بالشر. الفرائض أدوها إلى الله سبحانه وتعالى يؤدكم إلى الجنة .إن الله حرم حرما غير مجهولة وفضل حرمة المسلم على الحرم كلها وشد بالإخلاص والتوحيد المسلمين والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده إلا بالحق. ولا يحل أذى المسلم إلا بما يجب.بادروا أمر العامة وخاصة أحدكم الموت فإن الناس أمامكم وإنما من خلفكم الساعة تحدوكم تخففوا تلحقوا فإنما ينتظر الناس أخراهم اتقوا الله عباد الله في عباده وبلاده إنكم مسئولون حتى عن البقاع والبهائم وأطيعوا الله عز وجل ولا تعصوه وإذا رأيتم الخير فخذوه به وإذا رأيتم الشر فدعوه واذكروا إذ أنتم مستضعفون في الأرض. والذي تشف عنه خطبته أنه يريد أن ينصرف الناس إلى ما هو مهم لهم ويكفوا عن الخوض في الشأن الذي كان.وأن يستقبلوا نمطاَ من الحكم جديداً كله إقبال على الآخره وزهد في الدنيا وقيام بحدود الله وطاعته فيما أمر به والانتهاء عما نهى عنه . ولو شأنا أن نلخص خطته التي يريد أن يرسمها لهم..
لقلنا:يريد أن يقول لهم ارجعوا إلى العهد الذي كنتم عليه أيام رسول الله وأقبلوا على الآخره بكليتكم وأعرضوا عن الدنيا وولوها ظهوركم.
وكان قد دخل على نائلة زوج عثمان بعد أن لطم ابنيه الحسن والحسين وشتم محمد بن طلحة وعبد الله بن الزبير لظنه الإهمال منهم والتقصير في الذب عن عثمان . وسأل نائلة من قتل عثمان؟ قالت لا أدري ,دخل عليه رجال لا أعرفهم إلا أن أرى وجوهم وكان معهم محمد بن أبي بكر . فدعا على محمد ابن أبي بكر وسأله عما ذكرت نائلة فقال :صدقت , قد والله دخلت عليه فذكر لي أبي فقمت عنه وأنا تائب إلى الله تعالى . والله ما قتلته ولا أمسكته فقالت:أصدق ولكن هو أدخلهم . وكتبت نائلة زوج عثمان(رضي الله عنه) إلى معاوية تصف دخول القوم على عثمان وأخذه المصحف ليتحرم به وما كان من صنع محمد بن أبي بكر وأرسلت بقميص عثمان(رضي الله عنه) مضرجا بالدم ممزقا بالخصلة التي نتفها محمد بن أبي بكر من لحيته فعقدت الشعر في زر القميص وأصابعها ثم دعت بالنعمان بن بشير الأنصاري فبعثته إلى معاوية. فلقي يزيد بن أسيد أرسله معاوية ممداً لعثمان(رضي الله عنه) في أربعة آلاف فأخبرهم بقتل عثمان(رضي الله عنه) فانصرفوا إلى الشام.

طلب الصحابة القود من قتلة عثمان:

لما تمت البيعة لعلي (رضي الله عنه) جاءه جماعة من الصحابة وقالوا له: إنا قد اشترطنا إقامة الحدود وأن هؤلاء القوم قد اشتركوا قد اشتركوا في دم هذا الرجل واحلوا بأنفسهم. فقال لهم :إني أجهل ماتعلمون ولكني كيف أصنع بقوم يملكوننا ولا نملكهم. هاهم هؤلاء قد ثارت معهم عبدناكم وثابت إلى إليهم أعرابكم وهم خلالكم يسومونكم ماشاءوا فهل ترون موضعا لقدرة على شي بما تريدون ؟ قالوا : لا. قال فلا والله لا أرى إلا رأيا ترونه إن شاء الله . إن هذا الأمر أمر جاهلية إن لهؤلاء القوم مادة وذلك أن الشيطان لم يشرع شريعة قط فيبرح الأرض من أخذ بها. أن الناس من هذا الأمر-أن حرك-على أمور,فرقة ترى ما ترون: وفرقة ترى مالا ترون ,وفرقة لا ترى هذا ولا هذا حتى تهدأ وتقع القلوب مواقعها وتؤخذ الحقوق.فأهدأ وأعنى وانظروا ماذا يأتيكم ثم عودوا. ثم إن علياً اشتد على قريش وحال بينهم وبين الخروج من المدينة وإنما هيجه على ذلك هرب بن أمية. وتفرق القوم وبعضهم يقول والله لئن زاد الأمر لا قدرنا على انتصار من هؤلاء الأشرار.لترك هذا إلى ما قال على أمثل. وبعضهم يقول : نقضى الذي علينا ولا نؤخره. والله إن عليا لمستغن برأيه وأمره عنا .لا نراه إلا سيكون على قريش أشد من غيره. ولما بلغ علياً (رضي الله عنه) مقالة القوم قام فحمد الله وأثنى وذكر فضلهم وحاجته إليهم وقال لهم خيراً وأثنى عليهم وتألفهم جهده ثم قال :لا يستغني الرجل وإن كان ذا مال وولد عن عشيرته , دفاعهم بأيدهم وألسنتهم . هم أعظم الناس حيطة من ورائه وإليهم سعيه وعطفهم عليه وإن أصابته مصيبة أو نزل به بعض مكاره الأمور.ومن يقبض يده عن عشيرته فإنه يقبض يدا واحدة وتقبض عنه أيد كثيرة. ومن بسط يده بالمعروف ابتغاء وجه الله تعالى يخلف الله له ما أنفق في دنياه ويضاعف له في آخرته. واعلموا أن لسان صدق يجعله الله للمرء في الناس خير له من المال. فلا يزداد أحدكم كبرياء ولا عظمة في نفسه ولا يغفل أحدكم عن القرابة أن يصلها بالذي لا يزيده أمسكه ولا ينقصه إن أهلكه . واعلموا أن الدنيا قد أدبرت والآخرة قد أقبلت.ألا وإن المضمار اليوم والسبق غداً , ألا وإن السبقة الجنة والغاية النار . ألا إن الأمل يشهى القلب ويكذب الوعد ويأتي بغفلة ويورث حسرة فهو غرور وصاحبه في عناء فافزعوا إلى قوام دينكم وإتمام صلاتكم وأداء زكاتكم والنصيحة لإمامكم وتعلموا كتاب الله واصدقوا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوفوا بالعهد إذا عاهدتم وأدوا الأمانات إذا ائتمنتم , وارغبوا في ثواب الله وارهبوا عذابه واعلموا الخير تجزوا بالخير يوم يفوز بالخير من قدام الخير . ثم نادي : برئت الذمة من عبد لم يرجع إلى مواليه .


أول أعمال علي (رضي الله عنه) :

إن الأيدي التي بايعت عليا ً(رضي الله عنه) بالأمس كانت ملوثة بدم الخليفة المقتول وكان أكبر ما يزعمونه من الحجج على قيامهم هذا واجتراح ما اجترحوا من الإثم عماله الذين ملأوا الدنيا عجيجاً بالشكوى منهم وأذاعوا قالة السوء عن كل أمير منهم في مصره . فإذا أقر على أولئك العمال على أعمالهم إلى أن يستوثق له الأمر في الخلافة وتتسق له الأحوال كان ذلك منه إقراراً للظلم الذي استفزهم الألم منه وأحنقهم الإقرار عليه . وكان بذلك قد سجل على السبأيية أنهم قاموا لسلبهم الخلافة من صاحبها الشرعي لا لسبب سوى الإفضاء بها إلى علي (رضي الله عنه) . بهذا يمكننا أن نفهم السرعة الغريبة التي كانت منه في مبادرة جميع عمال عثمان بالعزل حتى كان ذلك أول أعماله , ولم يتربص بالأمر وصول البيعة إليه من أهل الأمصار ولم يصغ إلى تحذير المحذرين ولا نصح الناصحين . بل أبى من الإبقاء عليهم أو أحد منهم إباء تاما كأنه قد قر في نفسه أن هؤلاء العمال لا يصلحون لأن يلوا شيئا من أمر المسلمين وأن الإبقاء على واحد منهم يوما كاملا نقص في دينه . ولو أنه اتأدا في الأمر وعالجه برفق وأناة واصطبر حتى استتب له الأمر وبايعه أهل الأمصار لما كان في عزل الولاة شي لأن الخليفة هو الذي يعطى الولاة سلطانهم فهو حر في اختيار عماله.

وفاة علي بن أبي طالب(رضي الله عنه):

قتل علي(رضي الله عنه) عند خروجه من السد متجها لأداة صلاة الصبح تهجم عليه ابن ملجم ووردان وشبيب فضربه ابن ملجم بالسيف ضربة على رأسه مكث علي الجمعة والسبت وتوفي ليلة الأحد وغسله كل من الحسن والحسين وعبدالله بن جعفر.Ž(رحمة الله عليه).